متعة اكتشاف فاينمان
[عندما قابلت فاينمان أدركت على الفور أنني دخلت عالما آخر، لقد كان يصارع بشدة، أكثر من أي إنسان آخر، لفهم عمل الطبيعة وذلك بإعادة بناء الفيزياء من القاعدة الأولى – فريمان دايسون]
ريتشارد فيليب فاينمان (1918-1988) فيزيائي نظري أمريكي مشهور، تعد محاضراته مرجعا عالميا لطلبة الفيزياء، ويعتبر واحدا من أعظم الفيزيائيين في النصف الثاني من القرن العشرين، واستطاع بذكائه الحاد وبحدسه الرياضي الفيزيائي الفنان أن يقدم مساهمات مهمة في الفيزياء، حصل على جائزة نوبل 1965 بالاشتراك مع توموناغا وشونيغر.
يصف فريمان دايسون الذي درس أعمالهم وتصوف في حب فاينمان: لقد نجح كل من توموناغا وشونيغر بصفة مستقلة مستعملين طرقا أكثر صعوبة وتعقيدا في حساب نفس الكميات التي استطاع أن يستنبطها فاينمان من رسومه البيانية (…) كتبت دراسة بعنوان “نظريات الإشعاع لتوموناغا وشونيغر وفاينمان” شرحت فيها كيف بدت النظريات مختلفة لكنها كانت من حيث الأساس متشابهة.
يضيف دايسون: كنت حريصا على أن أعامل قدواتي الثلاث باحترام وتقدير متساو ولكنني عرفت في قرارة نفسي أن فاينمان كان أعظمهم وأن الهدف الأساسي لدراستي هو أن أجعل أفكاره الخلاقة في متناول معظم الفيزيائيين في العالم.
وبعد أن يشبه علاقته بفاينمان بعلاقة الروائي جونسون بشكسبير يضيف دايسون: وعلى جانب حبه الفائق للعلم كان لفاينمان رغبة قوية في الفكاهة والمتعة البشرية العادية، فبعد أسبوع من تعرفي عليه كتبت رسالة لوالدي في أنكلترا أصفه فيها بأنه “نصف عبقري ونصف مهرج” ففي طيات صراعه البطولي لفهم قوانين الطبيعة كان يحب أن يسترخي مع الأصدقاء يقرع الطبول ويسلي الجميع بأحجياته وقصصه، وكان يشبه شكسبير في هذا أيضا.
وبعد أن يسبغ عليه وصف جونسون لبطله شكسبير لجمعه بين العمل الجاد والمرح، يختم بالقول: هذا هو فاينمان الذي عرفته وأحببته حب العبادة.