أخبار وتغطياتبريد الراحلينديوان المدرسين

فاطمه بنت اسويدات.. حكاية أول أستاذة رياضيات موريتانية

رائعة الغلاوي

 

فاطمه بنت اسويدات إحدى الرائدات الموريتانيات، وأولى الفتيات حصولا على الباكلوريا في الرياضيات، وأول أستاذة لها، حيث تصدرت المجال الرياضي بين الرجال كحالة فريدة في المجتمع “البيضاني” حينها.

نشأتها ومسيرتها الدراسية

في بلدية آمدير ولدت فاطمه منت اسويدات لعضو في المجلس البلدي هناك وأحد أعيان مدينة أطار سنة1953 وقد ظهرت على الفتاة باكرا آثار النبوغ فعندما بدأت الدراسة كانت فسيلة عجيبة تنافس إلى السماء باسقات آدرار، ونجحت متفوقة في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، ولم تكن بأطار حينها ثانوية مما اضطر أهلها إلى الانتقال بها إلى العاصمة، وفي زمن لم يكن فيه تمدرس البنات مهما كانت بنت اسويدات اختلافا في صفوف “العاديين” حيث تواردت الاتصالات على والدها من الزملاء والأقارب ممن يدركون ضرورة الانتقال بها من أجل مواصلتها للدراسة، حاثين إياه على ذلك.

انتقلت أسرة اسويدات ولد الراظي إلى نواكشوط آنذاك قبل أن تعبّد الطريق إليه في سبيل ري الفسيلة المتحفزة، وظلت فاطمه على ألقها متفوقة في كل المواد العلمية، حائزة كل الجوائز التي تنظمها المدرسة، وفي أحد الفصول كان يدرسها أستاذ فرنسي إذا أراد أن يقسم النتائج قال لزملائها احلقوا لحاكم؛ إيحاء بصدارة فاطمة وإيغالا في التنبيه على مخالفة السائد من تفوق الطلاب على الطالبات فحين تنقلب القاعدة يكون الانضمام إلى الجنس الآخر خيارا أفضل.

الأولى من اليمين1

 

وبما أن الاجتهاد من العادات المشتركة والمتأصلة في الناجحين طبعت المثابرة جميع جوانب حياتها فكانت حريصة على الغاية والوسيلة على حد سواء، وفي سبيل المراجعة وقبل أن يتوفر الكهرباء تقول عنها أختها فاطمة “كانت تأخذ القنديل مساء تنظفه وتعمل على تهيئته للمراجعة الليلية” وبنفس الاجتهاد حفظت القرآن عقب تقاعدها.

عام 1975 نجحت فاطمه في باكالوريا الرياضيات كأول فتاة موريتانية تنالها، وعقب نجاحها شاركت في مسابقة أساتذة الرياضيات في موريتانيا حيث ولجت سنة1978 إلى المدرسة الوحيدة التي حملت طابعا جامعيا حينها “المدرسة العليا لتكوين الأساتذة” وتخرجت في دفعة هي الأولى من نوعها وطنيا، وهي المرأة الوحيدة فيها بين عدد من الرجال.

 

مسيرتها المهنية

انضمت فاطمة للتدريس وعينت مديرة للدروس ولكن الإدارة لم تستهويها، وفي أواخر الثمانينات التحقت بالمعهد التربوي الوطني حيث مكثت هناك عقدين من الزمن كركن أساسي من أركان التأليف المدرسي للمستويين الإعدادي والثانوي في مادة الرياضيات، وفي زمرة من الأساتذة والمفتشين كانت عضوا في لجنة تعنى بتجديد برامج الرياضيات للمرحلة الإعدادية، وألفت مع مجموعتها أوائل الكتب المدرسية المطبوعة في مادة الرياضيات، وإلى جانب زوجها الفيزيائي؛ صالح ولد مولاي أحمد الملقب “بابير” كتبت مقالات في مجلة التعليم الوطنية في مواضيع توزعت بين الرياضي والتربوي، محللة بعض الأفكار الرياضية تارة ومسلطة قنديلها الوهاج على ثقافة الرياضيات أحيانا أخرى.

أحد مقالاتها

 

عام 2013 أصيبت بوعكة صحية ذهبت إثرها في رحلة علاجية إلى المغرب، حيث قال الدكتور المباشر للعملية التي أجريت لها إنها كانت تقرأ القرآن وألهمته فيما بعد لحفظه، وبوفاتها في نفس العام أسدل الستار على مسيرة دراسية وعملية شهد لها فيها الجميع بالإقبال على شأنها والموازنة بين مسؤولياتها بوصفها امرأة عاملة وربة أسرة.

 

  1. صورة حصرية، حصلنا عليها من عائلتها ↩︎

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى