قصص ومقالات

والتر لوين

عن الثقة في العلم

في محاضرته الأخيرة في MIT، وفي مشهد يحبس الأنفاس، يضع البروفسور والتر لوين وجهه في مواجهة كرة من الحديد، لإثبات أن قوانين الفيزياء تؤكد أن الكرة لا يمكن أن تتجاوز المكان الذي انطلقت منه، في الظروف “الطبيعية” التي تجرى فيها التجربة.

وبعد أن تنجو أسنان الأستاذ من التحام، كان سيكون كارثيا ومأساويا، وفي غمرة التصفيق، يعلق الأستاذ بعبارته الشهيرة:
Physics Works, and I’m still alive! [1] التي معناها، بترجمة حرفية: الفيزياء تعمل، وأنا ما زلت على قيد الحياة!

تحيل هذه العبارة، التي ترد كثيرا في محاضرات لوين، إلى نوع من الثقة شبه المطلقة بقوانين الفيزياء، وهي ثقة ما تزال تحظى بكثير من الثقة في مجالات الفيزياء والعلوم التطبيقية بشكل عام، لكن هل ينطبق ذلك على العلم كله؟

يعرف كل الفيزيائيين، وحتى غيرهم، أن ما جاء به أينشتاين، كان في جزء منه “انقلابا” على جزء من “تراث نيوتن” أو بعبارة أكثر تقديرا لهما، كان “تدقيقا وتصويبا” لأفكار ونظريات صمدت لثلاثة قرون، أو بشكل أدق كان تطويرا لفكرتنا عن الجاذبية، لكن إلى متى ستظل نظريات أينشتاين “دون تصويب أو تطوير” وهل تنتظر انقضاء الـ300 عام؟ المؤكد أن سفينة العلم لن توقف الإبحار عند الضفاف التي أوصلها لها أينشتاين، ومثالا على ذلك، فقد ورد في بعض المواقع العلمية [2] قبل أيام قليلة، أن دراسة لفيزيائي نظري من جامعة جنيف، بدأت التشكيك جديا في فكرة “توسع الكون” الآتية مع “خطأ” أينشتاين الأشهر!

واحدة من الدروس الأساسية التي تعلمناها من تاريخ وفلسفة العلم، وتحديدا من المحطات التي يطلقون عليها صفة “القطيعة الابستمولوجية” أنه كلما دخلت أمة من العلماء “طورت فهمنا” عما كانت عليه أفكار الأمة التي قبلها.

وإذا كان هذا، في مواضيع الفيزياء والكونيات، فإنه يكون أكثر تأكيدا في العلوم التي موضوعها الإنسان، جسدا ونفسا ومجتمعا.
وعليه، فإن العلم، حتى وإن كان جديرا بالثقة، فإن ذلك لا ينبغي أن يصل إلى المغالاة والتطرف في الاعتقاد والإيمان به ونتائجه، على الرغم من أنه أجدر منتج معرفي بشري بالثقة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى